الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

الجـــــــــــــــــن حقيقة لا خرافــــــــــــة


الحمد لله حمداً يوازي نعمه ويكافئ مزيده والصلاة والسلام على محمد الهادي الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... أما بعــــــــــــــد:فإن الله تعالى لما خلق الإنسان جعل له أعداء من الشياطين لابتلائه وتمحيصه،فلم تترك تلك الشياطين سبيلاً من سبل الإغواء والإضلال إلا سلكته وطرقته لصرف العبد عن عبادة الله وتوحيده فوضعت في طريقه الحبائل والمكائد وألقت في قلبه الشبهات.
وفي مثل هذه الظروف كان الإنسان الضعيف بحاجة ماسة وملحة إلى من يقيه من تلك المكائد والحبائل ويهديه إلى حريق الحق القويم فأرسل الله الرحمن الرحيم رُسله بالهُدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويقيهم شرور وغوائل تلك الشياطين ،فكانت تلك الرسل وما أرسلوا من ربهم بمثابة حبل النجاة والعروة الوثقى المنقذة للبشرية من تلك الشرور فمن تمسك بها واعتصم نجا وغنم ومن حاد عنها هلك وظَلَم.
ومن هذا المنطلق كان هذا البحث الذي أسأل الله جل وعلا أن ينفع به كاتبه وقارئه إنه سميع مجيب... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجـــــــــــــــــن حقيقة لا خرافــــــــــــة
الإيمان بالغيب:إن من أسس العقيدة الإسلامية الإيمان بالغيب،بل هو أول صفة وصف الله تبارك وتعالى بها المتقين في كتابة حيث يقول: {الم َذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة البقرة الآية 5:1 ....
والجن من الغيب الذي يجب أن نؤمن به حيث تضافرت الأدلة على وجوده قرآناً وسنة.
فمن الأدلة القرآنية:1- ]وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن[.سورة الأحقاف آية ]29 [
2- ]قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً[.سورة الجن آية ]1[.
ومن أدلة السنة:عن أبي سعيد الخدري  قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا منت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولاشيء إلا شهد له يوم القيامة i .رواه البخاري ومالم والنسائي وابن ماجة.
أنواع الجن:عن أبي ثقلبة الخشني،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  الجن ثلاث أصناف،صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء،وصنف حيات وعقارب،وصنف يحلون ويضعنونi .رواه الطبراني والحاكم والبيهيقي في الأسماء والصفات بإسناد صحيح.
مساكن الجن:الجن يفضلون الأماكن الخالية من الإنس كالصحراوات ومنهم من يسكن المزابل والقمامات ومنهم من يسكن مع الإنس،ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى الصحراء فيدعوهم ليقرأ عليهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم وقد تكرر هذا كثيراً كما ثبت في البخاري ومسلم من حديث ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما.
والجن تسكن الخلاء أيضاً فقد ورد زيد ابن أرقم أن رسول الله  قال:
إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل:اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائثi .رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد.

ما أعطاه الله للجن من قدرات:أولاً:سرعة الحركة والانتقال:
فقد تعهد عفريت من الجن لنبي الله سليمان بإحضار عرش ملكة اليمن إلى بيت المقدس في مدة لا تتجاوز قيام الرجل من جلوسه،فقال الذي عنده علم الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك:] قال عفريت من الجن إنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويٌ أمين[.سورة النمل.
ثانياً:قدرتهم على التشكل:للجن قدرة على التشكل بأشكال الإنسان والحيوان ،فقد جاء الشيطان للمشركين يوم بدر في صورة سلامة بن مالك،ووعد المشركين بالنصر،وفيه أنزل: ] وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم[.سورة الأنفال آية]48[.
وقد يتشكل في صورة حيوان:جمل أو حمار أو كلب أو قط وأكثر ما تتشكل بالأسود والكلاب والقطط.وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن مرور الكلب الأسود يقطع الصلاة. وعلل ذلك بأن [الكلب الأسود شيطان].رواه مسلم.
جنان البيوت:
تشكل الجان بشكل الحيات وتظهر للناس،ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل جنان البيوت،خشية أن يكون هذا المقتول جنياً قد أسلم.كما في رواية مسلم.

هل الجن يؤذون الناس؟إن أذى الجن للإنس ثابت لا ينكر حيث ثبت ذلك بالدليل السمعي والدليل الحسي،والعقل لا يحليه بل يجيزه ويقره ولولا المعقبات من الملائكة التي أناط الله بها حفظ الإنسان لما نجا من الجن والشياطين أحد وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم ولقدرتهم على التحول بسرعة.....)
ولكون أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ولا نحس ومن هنا كانت مما لا شك فيه أن بعض الجن يؤذي بعض الناس إما لكون الإنسان قد تعرض لهم بالأذى فآذاهم بصب ماء حار عليهم أو ببوله عليهم أو بنزوله منازلهم وهو لا يشعر فينتقمون منه.
وأما مجرد الظلم من بعضهم فيؤذون الإنسان بغير سبب كما يحدث ذلك بين الإنسان وأخيه الإنسان إذ أحياناً يؤذي الإنسان أخاه بسبب خاص وأحياناً لمجرد الظلم كما هو مشاهد في الناس عند فساد فطرتهم وضعف إيمانهم وإرادتهم وعقولهم.
أعراض مس الجن للإنس....؟الأعراض التي في المنام هــي:-1- الأرق: وهو أن لا يستطيع الإنسان النوم إلا بعد مدة طويلة من الاسترخاء.
2- القلق: وهو كثرة الاستيقاظ في الليل.
3- الكوابيس: وهو أن يرى الإنسان في منامه شيئاً يضايقه.
4- الأحلام المفزعة.
5- رؤية الحيوانات في المنام كالقطط والكلاب والبعير والثعبان والأسد والثعلب والفأر.
6- القرض على الأنياب في المنام.
7- الضحك أو البكاء أو الصراخ في المنام.
8- التأوة في المنام.
9- أن يقوم ويمشي وهو نائم دون أن يشعر.
10- أن يرى في منامة كأنه سقط من مكان عالٍ.
11- أنم يرى نفسه في مقبرة أو مزبلة أو طريق موحش.
12- أن يرى أناساً بصفات غريبة كأن يلاحظ عليهم طولاً مفرطاً أو قصراً مفرطاً أو أناساً سوداً.
13- أن يرى أشباحاً في أحلامه.
الأعراض في اليقظة:1- الصداع الدائم:بشرط أن لا يكون سببه مرضاً في العينين أو الأذنين.
2- الصدود: وهو الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وعن الطاعات كلها.
3- الشرود الذهني.
4- الخمول والكسل.
5- الصرع.
6- ألم في عضو من الأعضاء لم يعرف له الطب علاج.
علاقة الشيطان بالإنسان:الوسوسة في الصلاة:روى مسلم في صحيحة عن أبي العلاء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي r فقال: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يُقال له خنزب،فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً iقال ففعلت ،فأذهبهُ الله عني.
واعلم أن الشيطان يدخل على المصلي من بابين لا ثالث لهما:أولاً: ما يتعلق بالحواس الظاهرة كمن يصلي وهو يسمع صوتاً عالياً فيشغله عن صلاته ومن يقع نظره أثناء الصلاة على شيء يعجبه كزخرف وغيره وهذا الباب إنما يسد بقطع تلك العلائق والشواغل.
ثانياً: فهو ما يتعلق بالقلب فمن أشرب قلبه حب الدنيا فلا يملك أن يتخلص منا لا في صلاة ولا في غيرها لأن من أحب شيئاً أكثر من التفكير فيه فتراه في الصلاة يقوم ويقعد وينحني ويسجد وقلبه بالدنيا مشغول وعليها ملهوف يطير به الشيطان من واد إلى واد ومن فكرة إلى أخرى .
والله إن هذا المدخل عظيم لا يكاد ينفك عنه إلا من وفقهُ الله وليس له علاج إلا معرفة قدر الدنيا وحقارتها وأن تكثر من قول:
[اللهم اجعل الدنيا في أيدينا،ولا تجعلها في قلوبنا].
وأن تتذكر هيبة الله أثناء الوقوف أمامه فهو الذي قصم الفراعنة.

النسيان من الشيطان: ومن ذلك ما فعله بآدم فما زال يوسوس له حتى أنساه ما أمرهُ به ربه، قال تعالى: ] ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم تجد له عزما[.سورة طه آية]115[.
وإذا تمكن الشيطان تمكناً كلياً فإنه ينسيه الله بالكلية،قال تعالى: ]استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان إلا إن ضرب الشيطان هم الخاسرون[.سورة المجادلة آية ]19[.
قوة الإيمان تضعف الشيطان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب:  والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك .رواه البخاري ومسلم.
وروى ابن أبي الدنيا،عن قيس بن حجاج قال: قال شيطاني دخلت فيك وأنا مثل الجزور أي البعير وأنا فيك اليوم مثل العصفور.قال:قلت ولم؟قال:تذيبني بكتاب الله.
الشيطان لحــاس:عن أبي هريرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم،من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه  . رواه الترمذي والحاكم وكلاهما من طريق يعقوب بن الوليد المدني.
مداخل الشيطان:1[ مدخل الجهل.
2[ مدخل الغضب.
3[ مدخل حب الدنيا.
4[مدخل الكبر.
5[ مدخل استصغار الذنوب.
6[ مدخل تزيين القبيح.
7[ مدخل التثاؤب.

الوقاية من الشيطان:وكما أن هناك وسائل ومداخل للشيطان ينفذ منها للإنسان فقد جعل الله تعالى للعبد المؤمن وسائل وقاية وحماية تمنعه من ذلك العدو،فمن هذا السُبل:
1- أولاً: الإخلاص فعليه أن يجتهد في تنقية عمله وتصفيته من الرياء والسمعة.
2- ثانياً: الاستعانة بالله وحسن الظن به.
3- ثالثاً: الذكر،فهو بمثابة الروح للبدن.
4- رابعاً: الاستفادة والاستجارة بقيوم السماوات والأرض ليقيك من شر الشيطان وشركه وكيده.
5- خامساً: تحصين النفس ،فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين فيقول:  أعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه . رواه البخاري.
أذكار ينبغي حفظها:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
عند الغضب:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وعند النوم:
باسمك اللهم أموت وأحيا وإذا استيقظ من منامه قال:الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور.
عند الخروج من المنزل:
في السنن عن انس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال-يعني إذا خرج من بيته- الله ،توكلت على الله،ولا حول ولا قوة إلا بالله، يُقال له: كُنيت ووقيت وهديت وتنحى عنه الشيطان ويقول الشيطان آخر كيف لك برجل هُدي وكُفي ووُقي؟.رواه أبو داود والترمذي وابن حيان في صحيحة.
عند الدخول إلى المنزل:
اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ، الله ولجنا وبسم اللخ خرجنا،وعلى الله ربنا توكلنا،ثم ليسلم على أهله.رواهُ أبو داود وفي سننه عن أبي مالك الأشعري.
عند الكرب والغم والحزن والهم:
لا إله إلا الله العظيم الحليم،لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم.رواه البخاري.
ختاماً:
فقد تحدنا في هذا البحث عن الإنس والجن وبينا حقيقة الجن وأنه حقيقة لا خيال والإيمان بالجن من الإيمان بالغيب وليس كما يقول أهل الضلال من القديانية وغيرهم من أن الجن والملائكة إنما هي أشياء خيالية ليس له حقيقة وكل ما خفى عن العيون يسمى جن أو كل شيء خبيث يسمى الجن وأن الملائكة معني للأشياء الطيبة فكل هذا من الكفر والإلحاء بالله عز وجل وقد بينا فيه مساكن الجن وعلاقتهم بالإنس وبينا مداخل الشيطان وكيفية الحذر والوقاية من الجن وما يجب على كل مسلم أن يحفظه حتى يقي نفسه من مس الجن
ونسأل الله العلي القدير الذي وسعت رحمته كل شيء أن يتغمدنا بواسع رحمته،وعظيم مغفرته،وأن يجعلنا في ضمانه وأمانه وبره وإحسانه، وأن يجعلنا من أولياءه الصالحين المخلصين،وأن يحفظنا وذريتنا وأهلنا من كيد الشيطان ومكره إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأسأله عز وجل التوفيق والإعانة والسداد و الهداية فإنه مولانا ونصيرنا فنعم المولى ونعم النصير.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق